وحدة الأقانيم
"فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" 1 يوحنا 5: 7.
ننتقل اليوم بنعمة الله للحديث عن وحدة الأقانيم الالهية الثلاثة "الآب والابن والروح القدس" باعتبارهم الهاً واحداً كما تؤكد آية التأمل أعلاه. فلأن الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله، فهذا يعني أن الآب مساو للابن وللروح القدس، وأن الابن مساو للآب وللروح القدس، وأن الروح القدس مساو للآب وللابن. وعندما نقول "مساو" نعني أن الأقانيم متساوية بالكرامة والسلطان والعظمة والمجد والقدرة وكل صفة من صفات الله له كل المجد. فهل يوجد ما يؤيد هذا الفكر في كلمة الله؟
نحن نعلم أن الله له المجد اله واحد ولا آخر سواه. ولكننا نقرأ في كلمة الله أن كل أقنوم من الأقانيم الالهية الثلاثة يسمى الله. فالأقانيم ليسوا ثلاثة آلهة، إنما يتشاركون في ذات الجوهر الالهي الواحد.
عن أقنوم الآب نقرأ: "لكن لنا اله واحد، الآب، الذي منه جميع الأشياء ونحن له" 1 كورنثوس 8: 6. الآية هنا ترينا أن أقنوم الآب هو الله الواحد الذي لا يوجد سواه في الوجود.
عن أقنوم الابن نقرأ قول الرسول بولس عن اليهود: "ولهم الآباء، ومنهم المسيح حسب الجسد، الكائن على الكل الهاً مباركاً الى الأبد. آمين" رومية 9: 5. هذه الآية ترينا أن أقنوم الابن هو الله المبارك على الكل. فهل المسيح هو اله آخر غير الله الآب؟ طبعاً لا. ولكن الآب والابن متحدان في ذات الجوهر الالهي، وإن كانا متميّزين في الأقنومية، ويشكلان باتحادهما الهاً واحداً لا غير.
عن أقنوم الروح القدس نقرأ قول الرسول بطرس لحنانيا: "لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس... أنت لم تكذب على الناس بل على الله" أعمال الرسل 5: 3و4. هنا أيضاً نرى أن الروح القدس يسمّى الله. فالرسول بطرس اعتبر أن كذب حنانيا على الروح القدس هو كذب على الله، لأن أقنوم الروح القدس، كما هي الحال مع أقنومي الآب والابن، هو الله نفسه، لأنه متحد مع الآب ومع الابن في ذات الجوهر الالهي، ويشكل معهما ذات الاله الواحد الله له كل المجد.
قلنا إن وحدة الأقانيم تعني مساواتهم في كل شيء، بمعنى أنه لا يمكننا تصنيفهم كأقنوم أول أو أقنوم ثان أو أقنوم ثالث. فربنا يسوع المسيح عندما قال قبل الصعود "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" متى 28: 19، لم يكن يقصد بتراتبية ذكر الأقانيم أن الآب هو أعظم من الابن الذي هو بدوره أعظم من الروح القدس. ففي كلمة الله نقرأ مراراً كثيرة ذكر الأقانيم بترتيب مختلف، يذكر فيه أقنوم الابن أولاً، أو أقنوم الروح القدس أولاً، وهكذا.
في رسالة تسالونيكي الأولى 3: 11 نقرأ "والله نفسه أبونا، وربنا يسوع المسيح يهدي طريقنا اليكم". في هذه الآية ورد ذكر أقنوم الآب أولاً، ثم أقنوم الابن. ولكن في رسالة تسالونيكي الثانية 2: 16 نقرأ "وربنا نفسه يسوع والله أبونا الذي أحبنا وأعطانا عزاءً أبدياً ورجاءً صالحاً بالنعمة، يعزي قلوبكم..." في هذه الآية ورد ذكر أقنوم الابن أولاً، ثم أقنوم الآب. فهل في هذا أي تقليل من مجد أقنوم الآب؟ طبعاً لا. فالأقنومان على نفس الدرجة من الكرامة والسلطان والعظمة والمجد والقدرة، وذكر الواحد منهما قبل الآخر أو بعده لا يفسد للود قضية.
في رسالة كورنثوس الثانية 13: 14 نقرأ "نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله (الآب)، وشركة الروح القدس مع جميعكم. آمين" هنا تم ذكر أقنوم الابن أولاً ثم أقنوم الآب ثم أقنوم الروح القدس.
في رسالة كورنثوس الأولى 12: 4-6 نقرأ "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد. وأنواع خدم موجودة ولكن الرب (أي أقنوم الابن) واحد. وأنواع أعمال موجودة ولكن الله (أي أقنوم الآب) واحد الذي يعمل الكل في الكل". في هذه الآيات تم ذكر أقنوم الروح القدس أولاً، ثم أقنوم الابن، ثم أقنوم الآب.
كذلك الأمر ورد في رسالة أفسس 4: 4-6 "جسد واحد وروح واحد (أقنوم الروح القدس أولاً)... رب واحد (أقنوم الابن ثانياً) ايمان واحد... اله وآب واحد (أقنوم الآب ثالثاً) للكل...".
في رسالة يهوذا 20و21 نقرأ "...مصلين في الروح القدس (أقنوم الروح القدس أولاً) واحفظوا أنفسكم في محبة الله (أقنوم الآب ثانياً) منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح (أقنوم الابن ثالثاً) للحياة الأبدية".
في رسالة غلاطية 4: 6 نقرأ "ثم بما أنكم أبناء، أرسل الله (أقنوم الآب أولاً) روح (أقنوم الروح القدس ثانياً) ابنه (أقنوم الابن ثالثاً) الى قلوبكم".
في رسالة أفسس 2: 18 نقرأ عن المسيح يسوع ربنا "لأن به (أقنوم الابن أولاً) لنا كلينا قدوماً في روح واحد (أقنوم الروح القدس ثانياً) الى الآب (أقنوم الآب ثالثاً).
في رسالة بطرس الأولى 1: 1و2 نقرأ "...المختارين، بعلم الله الآب السابق (أقنوم الآب أولاً) في تقديس الروح (الروح القدس ثانياً) للطاعة، ورش دم يسوع المسيح (أقنوم الأبن ثالثاً).
في رسالة تيطس 3: 4-6 نقرأ "ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله (أقنوم الآب أولاً)... خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس (أقنوم الروح القدس ثانياً) الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا (أقنوم الابن ثالثاً). ولنلاحظ في هذه الآيات الأخيرة أن الرسول بولس قال عن أقنوم الآب "مخلصنا" وعن أقنوم الابن "مخلصنا". وذلك لأن الآب والابن هما ذات الاله الواحد المخلص لشعبه له كل المجد.
-------------
رجاء محبة نشر هذا الموضوع للاهمية

|