قبل العشاء قام وأخذ منشفة وائتزر به وأخذ
يغسل أقدام تلاميذه ،
هو المعلم صاحب السلطان، أخذ الرب صورة العبد ،وأفهمنا أنه الذي جاء ليخلص لا ليهلك. فيسوع
وحده هو الذي يقدر أن يحتمل ضعف الانسان رفض الجلوس في مستوى التلاميذ وأصر على الجلوس عند أقدامهم ليغسلها. يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة الذي كان متأزراً بها .
غسل خطاياهم وطهرهم وجعلهم أنقياء وأجلسهم على مائدته ،أحنى رأسه أمام تلاميذه ،ولكن باتضاعه رفعهم .
امتنع بطرس وهو يقول
لن تغسل رجلي ياسيدي ، لم يفهم بطرس ما معنى السلطة وغايتها كيف وهو السيد يغسل الأقدام ؟ فالسلطة بالنسبة للمسيح كانت
خدمة غايتها بنيان الذات والآخر .
"
هَذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ . لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ. أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ" (يو 15: 12 ).
يقول القديس يوحنّا الإنجيلي أنّه حين العشاء كان الشيطان
"قد ألقى في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أنْ يُسَلِّمه" (يوحنّا 13: 2). هذا حصل قبل العشاء. ورغم
معرفة يسوع بذلك، لأنّه يعرف القلوب ولا يخفى عليه شيء، أظهَرَ نحو يهوذا حُبّه الكلّي بأنّه لمّا إئتزَر بمنشفةٍ وغسَل أرجُل التلاميذ غسَل رجلَي يهوذا. وبعد أنْ كشف للتلاميذ عن معرفته أنَّ واحداً منهم سيُسَلّمه، احتار التلاميذ لكنّهم لم يعرفوا مَن. وعندها أيضاً أظهر يسوع حبّه نحو يهوذا
بأنْ غمَّس اللقمة وأعطاه ليأكل. هذه الحركة في عاداتنا الشرقية هي
قمّة الحبّ أن تعطي الآخر بيدك طعاماً (والطعام حياة) ليأكل. أعطى يهوذا وحده من بين التلاميذ الإثني عشر.
لكن يهوذا لم يفهم لغة الحبّ.
"فبعد اللقمة" يقول القديس يوحنا الإنجيلي
"دخلَه الشيطان" أيضاً، أي أمَرَه بتنفيذ ما عزَم على فعله. هو نوى على تسليمه وكان يتحيّن الفرصة والآن يقول له الشيطان:
"هذه هي فرصتك". حينها قال يسوع ليهوذا: "ما أنتَ فاعِلُه فافعله بسرعة" (يوحنّا 13: 27)..
بعد ذلك
أعطاهم جسده ودمه ،وقال لهم
اصنعوا هذا لذكري ونحن نحتفل في الأفخارستيا ويسوع حاضراً ومشاركاً .نعيد الكلمات التي تلفظ بها هو نفسه
ونؤمن بأنه حاضر معنا في كل احتفال .
ولم يتأخَّر يهوذا في تتميم عزمه فخرج على جناح الليل قاصداً رؤساء الكهنة ليرسلوا معه حُرّاساً و
قبضوا على يسوع.
يروي لنا الإنجيلي ليس قصة القبض على يسوع المسيح، بل بالأحرى
تسليم نفسه للجند لمحاكمته. أخذ تلاميذه وانطلق على ضوء القمر حيث كان احتفال الفصح والقمر كاملاً، ودخل بستانًا يملكه أحد أحبائه، اعتاد أن يدخله ويجتمع مع تلاميذه فيه كثيرًا.
اختار البستان أرضًا للقبض عليه، أو بالأحرى لتسليم نفسه،
ولم يختر بيتًا ما داخل المدينة، حتى لا يحاول البعض من الشعب أو الأحباء الدفاع عنه، فيدخلون في معركة وبسببه يحدث
سفك دم.
لقد جاءت الساعة لكي يدخل ربنا ومخلصنا دائرة الآلام ليحقق الخلاص الذي جاء من أجله وكتبت عنه النبوءات، وصارت اللحظات الأخيرة من حياته هنا على الأرض تحمل أحداثًا متوالية تمس كل كياننا. كأن يسوع المسيح في البداية معلمٍ يقود تلاميذه إلى الحق الإلهي، ثم ككاهنٍ يشفع فيهم لدى الآب، وكذبيحةٍ يبذل ذاته لأجل البشر، وكملكٍ يملك بالحب العملي الباذل، يفتح بدمه القلوب ويؤسس عرشه في داخلنا؛ إنه المعلم والكاهن والذبيحة والملك.
كتابة : نوئيل يوسف
تصوير : دريد فرج
الموضوع منقول من موقع مارنارساي ومعدل عليه
الرب يبارك حياتكم يرجى النشر
خميس الفصح